أبـيمالك بن جدعون
1 وذهَبَ أبـيمالِكُ بنُ يَربَّعَلَ إلى أخوالِهِ في شكيمَ، وقالَ لهُم ولجميعِ قبـيلَةِ أبـي أمِّهِ: 2 «قولوا على مَسامِعِ جميعِ أهلِ شكيمَ: أيُّهُما خيرٌ لكُم، أنْ يتَسَلَّطَ علَيكُم سبعونَ رَجُلا، أي جميعُ بَني يَربَّعَلَ، أم رَجُلٌ واحدٌ؟ واذكُروا أنِّي أنا من لَحمِكُم ودَمِكُم». 3 فنَقلَ أخوالُهُ إلى أهلِ شكيمَ هذا الكلامَ، فمالَت قُلوبُهُم نحوَ أبـيمالِكَ لأنَّهُم قالوا إنه قريـبُنا. 4 وأعطَوهُ سبعينَ مِنَ الفِضَّةِ مِنْ بـيتِ بَعلِ بَريتَ، فاستأجرَ بِها رِجالا بطَّالينَ أشقياءَ. 5 وجاءَ إلى بـيتِ أبـيهِ في عَفرَةَ وقتلَ إخوتَهُ بَني يَربَّعَلَ، وهُم سبعونَ رَجُلا على صخرةٍ واحِدةٍ. وبَقيَ يوتامُ أصغَرُ بَني يَربَّعَلَ حَيا لأنَّهُ اختبأَ. 6 واجتمَعَ أهلُ شكيمَ وبـيتَ مَلُّو ومضَوا إلى أبـيمالِكَ وأقاموهُ علَيهِم مَلِكا عِندَ شَجَرةِ البلُّوطِ الّتي في شكيمَ.
7 فلمَّا عَلِمَ يوتامُ بِذلِكَ ذهَبَ إلى جبَلِ جِرزِّيمَ ووقَفَ على قِمَّتِهِ. رفَعَ صوتَهُ وقالَ لهُم: «إسمَعوا لي يا أهلَ شكيمَ فيسمعَ اللهُ لكُم. 8 ذهَبتِ الأشجارُ مرَّةً لِتَمسَحَ علَيها مَلِكا، فقالَت لِشجَرةِ الزَّيتونِ: كوني علَينا مَلِكَةً. 9 فقالَتِ الزَّيتونَةُ: أأترُكُ زيتي الّذي مِنْ أجلِه تُكرِمُني الآلِهةُ والنَّاسُ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 10 فقالتِ الأشجارُ لِلتِّينَةِ: تَعالَي أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 11 فقالَتِ التِّينَةُ: أأترُكُ حلاوتي وثَمَرتي الطَيِّبَةَ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 12 فقالتِ الأشجارُ لِلكَرمةِ: تَعاليَ أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 13 فقالَتِ الكَرمةُ: أأترُكُ خَمري الّذي يُفَرِّحُ الآلِهةَ والنَّاسَ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 14 فقالَتِ الأشجارُ كُلُّها لِلعَوسَجةِ: تَعاليَ أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 15 فقالَتِ العوسَجةُ: إنْ كُنتِ حَقًّا تَمسَحينَني مَلِكَةً علَيكِ، فتَعاليَ، وفي ظِلِّي استَظِلِّي، وإلاَّ فلتَخرُجْ نارٌ مِنَ العوسَجةِ وتَحرُقْ أرزَ لبنانَ.
16 «والآنَ هل عَمِلتُم بِالحَقِّ والاستِقامةِ، فَمَلَّكتُم علَيكُم أبـيمالِكَ؟ هل صَنَعتُم خَيرا إلى يربَّعَلَ وبَيتِهِ وكافأتُموهُ على ما صَنَعت يَداهُ؟ 17 أبـي قاتَلَ عَنكُم وخاطرَ بِنفسِه وأنقَذَكُم مِنْ أيدي المِديانيِّينَ، أمَّا أنتُمُ اليومَ 18 فَهاجَمتُم بـيتَ أبـي وذَبَحتُم بَنيهِ السَّبعينَ على صخرةٍ واحدةٍ، ومَلَّكتُم أبـيمالِكَ ابنَ أمَتِهِ على أهلِ شكيمَ لأنَّهُ قريـبُكُم، 19 فإنْ كُنتُم عَمِلْتُم بِالحَقِّ والاستِقامةِ معَ يَربَّعَلَ ومعَ بَيتِهِ في هذا اليومِ فاهنَأوا بِأبـيمالِكَ وليَهنَأْ هوَ أيضا بِكُم، 20 وإلاَّ فَلتَخرُجْ نارٌ مِنْ أبـيمالِكَ وتَأكُلْ أهلَ شكيمَ وبَيتَ مِلُّو، ولتَخرُجْ نارٌ مِنْ أهلِ شكيمَ وبَيتَ مِلُّو وتأكُلْ أبـيمالِكَ». 21 وفَرَّ يوتامُ هارِبا إلى بـيرَ، فأقامَ هُناكَ خوفا مِنْ أبـيمالِكَ أخيهِ.
22 ومَلَكَ أبـيمالِكُ على بَني إِسرائيلَ ثَلاثَ سِنينَ. 23 وألقى اللهُ بِروحِ العِداءِ بـينَ أبـيمالِكَ وأهلِ شكيمَ، فغَدَرَ أهلُ شكيمَ بأبـيمالِكَ 24 لِـيرتَدَّ الظُلمُ الّذي وقَعَ على بَني يَرُبَّعَلَ السَّبعينَ ويكونَ دَمُهُم على أبـيمالِكَ أخيهِم الّذي قتَلَهُم وعلى أهلِ شكيمَ الّذينَ شَجَّعوهُ على قتْلِهِم. 25 فأقامَ أهلُ شكيمَ كمينا على رُؤوسِ الجِبالِ، فكانوا يَسلُبونَ كُلَّ مَنْ مرَّ بِهِم في الطَّريقِ. وعَلِمَ أبـيمالِكُ بِذلِكَ.
26 وجاءَ جعَلُ بنُ عابِدٍ معَ إخوتِهِ إلى شكيمَ، فوَثِقَ بهِ أهلُها، 27 وخَرَجوا إلى البرِّيَّةِ وقطَفوا كُرومَهُم وعصَروا واحتَفَلوا ودَخَلوا بُيوتَ آلِهتِهِم وأكلوا وشرِبوا ولَعَنوا أبـيمالِكَ. 28 فقالَ جعَلُ بنُ عابِدَ: «مَنْ هوَ أبـيمالِكُ؟ ولِماذا نخدُمُهُ نحنُ في شكيمَ: أما هوَ ابنُ يَربَّعَلَ ووكيلُهُ زَبولُ؟ فلماذا نخدُمُهُ؟ اخدُموا رِجالَ حَمورَ أبـي شكيمَ. 29 ليتَ هذا الشَّعبَ في يَدي، فأعزِلَ أبـيمالِكَ وأقولَ لَه: أعِدَّ جَيشَكَ واخرُجْ لِلقِتالِ!»
30 وسَمِعَ زَبولُ والي المدينةِ بِكلامِ جعَلَ بنِ عابِدٍ، فاشْتَدَّ غضَبُهُ 31 وأرسَلَ في السِّرِّ إلى أبـيمالِكَ يقولُ لَه: «جعَلُ بنُ عابِدٍ وإخوتُهُ جاؤُوا شكيمَ، وهُم يُثيرونَ علَيكَ المدينةَ. 32 فقُمْ أنتَ والّذينَ معَكَ ليلا واكمُنوا في البرِّيَّةِ، 33 وباكِرا في الصَّباحِ عِندَ طُلوعِ الشَّمسِ اهجُمْ على المدينةِ، فيَخرُجَ هوَ وأصحابُهُ إليكَ فتَفعَلَ بِهِم ما تَقدِرُ علَيهِ».
34 فقامَ أبـيمالِكُ والّذينَ معَهُ ليلا وكمَنوا حَولَ شكيمَ في أربَعِ فِرَقٍ. 35 فخَرجَ جعَلُ بنُ عابِدٍ وأقامَ عِندَ مَدخلِ المدينةِ، فوَثَبَ أبـيمالِكُ والّذينَ معَهُ مِنَ المكمَنِ. 36 ورآهم جعَلُ فقالَ لِزَبولَ: «أرى كثيرينَ يَنزِلونَ مِن رؤُوسِ الجِبالِ». فقالَ لَه زَبولُ: «أنتَ تَرى ظِلَّ الجِبالِ فتَحسَبُهُ رجالا». 37 فعادَ جعَلُ وقالَ: «ها قومٌ نازِلون مِنْ أعالي الجِبالِ وفِرقَةٌ مُقبِلَةٌ مِنْ جِهَةِ بَلُّوطَةِ العَرَّافينَ». 38 فقالَ لَه زَبولُ: «أينَ الآنَ كلامُكَ؟ أما كُنتَ تَقولُ: مَنْ هوَ أبـيمالِكُ حتّى نَخدُمَهُ؟ هذا هوَ الشَّعبُ الّذي ازْدَرَيتَهُ، فاخرُجِ الآنَ إليهِ وقاتِلْهُ». 39 فخَرجَ جعَلُ قائِدا أهلَ شكيمَ وحارَبَ أبـيمالِكَ. 40 فهَزمَهُ أبـيمالِكُ، فهربَ مِنْ أمامِهِ وسقطَ جرحى كثيرونَ قَبلَ أنْ بَلغوا مدخَلَ المدينةِ. 41 وأقامَ أبـيمالِكُ في أرومَةَ، أمَّا زَبولُ فطَردَ جعَلَ وإخوتَهُ مِنْ شكيمَ.
42 وفي الغدِ خرجَ الشَّعبُ إلى البرِّيَّةِ، فعَلِمَ أبـيمالِكُ بِذلِكَ. 43 فأخَذَ رِجالَهُ وقَسَّمَهُم ثَلاثَ فِرَقٍ وكمَنَ لهُم في البرِّيَّةِ. وحينَ رأى الشَّعبَ خارِجينَ مِنَ المدينةِ، انقَضَّ علَيهِم. 44 وتَقَدَّمَ أبـيمالِكُ والفِرقَةُ الّتي معَهُ وتَمَركزوا عِندَ بابِ المدينةِ، وأمَّا الفِرقَتانِ الأخرَيانِ فهَجَمَتا على الّذينَ في البرِّيَّةِ وقَضَتا علَيهِم. 45 وحارَبَ أبـيمالِكُ المدينةَ ذلِكَ اليومَ كُلَّهُ واحتَلَّها، وقتَلَ الّذينَ فيها، وهدَمَها وزَرَعها مِلْحا.
46 فسَمِعَ بِالأمرِ أهلُ مَجدَلِ شكيمَ، فدَخَلوا جميعا حِصنَ بَيتِ إيلِ بَريتَ. 47 وعَلِمَ أبـيمالِكُ بِوجودِهِم هُناكَ، 48 فصَعِدَ إلى جبَلِ صَلْمونَ، هوَ والّذينَ معَهُ، وأخذَ فأسا بَيدِهِ وقطَعَ غُصنا مِنَ الشَّجَرِ وحمَلهُ على كَتِفِه وقالَ لِلَّذينَ معَهُ: «تَفعلونَ سريعا كما أفعَلُ». 49 فقَطعَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم غُصنا وتَبِــعوا أبـيمالِكَ وألقَوا الأغصانَ حَولَ الحُصنِ وأحرَقوهُ بِالنَّارِ، فماتَ أيضا جميعُ أهلِ مَجدَلِ شكيمَ وكانوا نحوَ ألفِ رَجُلٍ وامرَأةٍ.
50 ثُمَّ توَجَّهَ أبـيمالِكُ إلى مدينةِ تاباصَ وحاصَرَها واحتَلَّها. 51 وكانَ في وسَطِ المدينةِ بُرجٌ مُحَصَّنٌ، فهَربَ إليهِ جميعُ الرِّجالِ والنِّساءِ، ومِنهُم زُعماءُ المدينةِ، وأغلَقوا وراءَهُمُ الأبوابَ وصَعِدوا إلى سَطحِ البُرجِ.
52 فزَحَفَ أبـيمالِكُ على البُرجِ، فحاصَرَهُ وتَقَدَّمَ إلى مدخَلِهِ لِـيَحرُقَهُ بِالنَّارِ، 53 فألقَتِ امرَأةٌ حجَرا كبـيرا على رأسِهِ فشَدَّخَت جُمجُمتَهُ. 54 فدَعا في الحالِ حامِلَ سِلاحِهِ، وكانَ شابًّا، وأمرَهُ: «إستَلَّ سَيفَكَ واقْتُلْني لِئلاَّ يُقالَ إنَّ امرَأةً قتَلتْهُ». فطَعنَهُ الشَّابُّ بِالسَّيفِ فماتَ. 55 فلمَّا رَأى رِجالُ بَني إِسرائيلَ أنَّ أبـيمالِكَ ماتَ، عادَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم إلى بَيتِهِ. 56 ورَدَّ اللهُ على أبـيمالِكَ الشَّرَّ الّذي صنَعَ بِأبـيهِ حينَ قتَلَ إخوتهُ السَّبعينَ. 57 وكذلِكَ ردَّ اللهُ الشَّرَّ الّذي صنَعَهُ أهلُ شكيمَ على رؤُوسِهِم، وتَمَّت علَيهِم لَعنةُ يوتامَ بنِ يَربَّعَلَ.
أبـيمالك بن جدعون
1 وذهَبَ أبـيمالِكُ بنُ يَربَّعَلَ إلى أخوالِهِ في شكيمَ، وقالَ لهُم ولجميعِ قبـيلَةِ أبـي أمِّهِ: 2 «قولوا على مَسامِعِ جميعِ أهلِ شكيمَ: أيُّهُما خيرٌ لكُم، أنْ يتَسَلَّطَ علَيكُم سبعونَ رَجُلا، أي جميعُ بَني يَربَّعَلَ، أم رَجُلٌ واحدٌ؟ واذكُروا أنِّي أنا من لَحمِكُم ودَمِكُم». 3 فنَقلَ أخوالُهُ إلى أهلِ شكيمَ هذا الكلامَ، فمالَت قُلوبُهُم نحوَ أبـيمالِكَ لأنَّهُم قالوا إنه قريـبُنا. 4 وأعطَوهُ سبعينَ مِنَ الفِضَّةِ مِنْ بـيتِ بَعلِ بَريتَ، فاستأجرَ بِها رِجالا بطَّالينَ أشقياءَ. 5 وجاءَ إلى بـيتِ أبـيهِ في عَفرَةَ وقتلَ إخوتَهُ بَني يَربَّعَلَ، وهُم سبعونَ رَجُلا على صخرةٍ واحِدةٍ. وبَقيَ يوتامُ أصغَرُ بَني يَربَّعَلَ حَيا لأنَّهُ اختبأَ. 6 واجتمَعَ أهلُ شكيمَ وبـيتَ مَلُّو ومضَوا إلى أبـيمالِكَ وأقاموهُ علَيهِم مَلِكا عِندَ شَجَرةِ البلُّوطِ الّتي في شكيمَ.
7 فلمَّا عَلِمَ يوتامُ بِذلِكَ ذهَبَ إلى جبَلِ جِرزِّيمَ ووقَفَ على قِمَّتِهِ. رفَعَ صوتَهُ وقالَ لهُم: «إسمَعوا لي يا أهلَ شكيمَ فيسمعَ اللهُ لكُم. 8 ذهَبتِ الأشجارُ مرَّةً لِتَمسَحَ علَيها مَلِكا، فقالَت لِشجَرةِ الزَّيتونِ: كوني علَينا مَلِكَةً. 9 فقالَتِ الزَّيتونَةُ: أأترُكُ زيتي الّذي مِنْ أجلِه تُكرِمُني الآلِهةُ والنَّاسُ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 10 فقالتِ الأشجارُ لِلتِّينَةِ: تَعالَي أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 11 فقالَتِ التِّينَةُ: أأترُكُ حلاوتي وثَمَرتي الطَيِّبَةَ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 12 فقالتِ الأشجارُ لِلكَرمةِ: تَعاليَ أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 13 فقالَتِ الكَرمةُ: أأترُكُ خَمري الّذي يُفَرِّحُ الآلِهةَ والنَّاسَ وأذهَبُ لأستَعليَ على الشَّجَرِ؟ 14 فقالَتِ الأشجارُ كُلُّها لِلعَوسَجةِ: تَعاليَ أنتِ وكوني علَينا مَلِكَةً. 15 فقالَتِ العوسَجةُ: إنْ كُنتِ حَقًّا تَمسَحينَني مَلِكَةً علَيكِ، فتَعاليَ، وفي ظِلِّي استَظِلِّي، وإلاَّ فلتَخرُجْ نارٌ مِنَ العوسَجةِ وتَحرُقْ أرزَ لبنانَ.
16 «والآنَ هل عَمِلتُم بِالحَقِّ والاستِقامةِ، فَمَلَّكتُم علَيكُم أبـيمالِكَ؟ هل صَنَعتُم خَيرا إلى يربَّعَلَ وبَيتِهِ وكافأتُموهُ على ما صَنَعت يَداهُ؟ 17 أبـي قاتَلَ عَنكُم وخاطرَ بِنفسِه وأنقَذَكُم مِنْ أيدي المِديانيِّينَ، أمَّا أنتُمُ اليومَ 18 فَهاجَمتُم بـيتَ أبـي وذَبَحتُم بَنيهِ السَّبعينَ على صخرةٍ واحدةٍ، ومَلَّكتُم أبـيمالِكَ ابنَ أمَتِهِ على أهلِ شكيمَ لأنَّهُ قريـبُكُم، 19 فإنْ كُنتُم عَمِلْتُم بِالحَقِّ والاستِقامةِ معَ يَربَّعَلَ ومعَ بَيتِهِ في هذا اليومِ فاهنَأوا بِأبـيمالِكَ وليَهنَأْ هوَ أيضا بِكُم، 20 وإلاَّ فَلتَخرُجْ نارٌ مِنْ أبـيمالِكَ وتَأكُلْ أهلَ شكيمَ وبَيتَ مِلُّو، ولتَخرُجْ نارٌ مِنْ أهلِ شكيمَ وبَيتَ مِلُّو وتأكُلْ أبـيمالِكَ». 21 وفَرَّ يوتامُ هارِبا إلى بـيرَ، فأقامَ هُناكَ خوفا مِنْ أبـيمالِكَ أخيهِ.
22 ومَلَكَ أبـيمالِكُ على بَني إِسرائيلَ ثَلاثَ سِنينَ. 23 وألقى اللهُ بِروحِ العِداءِ بـينَ أبـيمالِكَ وأهلِ شكيمَ، فغَدَرَ أهلُ شكيمَ بأبـيمالِكَ 24 لِـيرتَدَّ الظُلمُ الّذي وقَعَ على بَني يَرُبَّعَلَ السَّبعينَ ويكونَ دَمُهُم على أبـيمالِكَ أخيهِم الّذي قتَلَهُم وعلى أهلِ شكيمَ الّذينَ شَجَّعوهُ على قتْلِهِم. 25 فأقامَ أهلُ شكيمَ كمينا على رُؤوسِ الجِبالِ، فكانوا يَسلُبونَ كُلَّ مَنْ مرَّ بِهِم في الطَّريقِ. وعَلِمَ أبـيمالِكُ بِذلِكَ.
26 وجاءَ جعَلُ بنُ عابِدٍ معَ إخوتِهِ إلى شكيمَ، فوَثِقَ بهِ أهلُها، 27 وخَرَجوا إلى البرِّيَّةِ وقطَفوا كُرومَهُم وعصَروا واحتَفَلوا ودَخَلوا بُيوتَ آلِهتِهِم وأكلوا وشرِبوا ولَعَنوا أبـيمالِكَ. 28 فقالَ جعَلُ بنُ عابِدَ: «مَنْ هوَ أبـيمالِكُ؟ ولِماذا نخدُمُهُ نحنُ في شكيمَ: أما هوَ ابنُ يَربَّعَلَ ووكيلُهُ زَبولُ؟ فلماذا نخدُمُهُ؟ اخدُموا رِجالَ حَمورَ أبـي شكيمَ. 29 ليتَ هذا الشَّعبَ في يَدي، فأعزِلَ أبـيمالِكَ وأقولَ لَه: أعِدَّ جَيشَكَ واخرُجْ لِلقِتالِ!»
30 وسَمِعَ زَبولُ والي المدينةِ بِكلامِ جعَلَ بنِ عابِدٍ، فاشْتَدَّ غضَبُهُ 31 وأرسَلَ في السِّرِّ إلى أبـيمالِكَ يقولُ لَه: «جعَلُ بنُ عابِدٍ وإخوتُهُ جاؤُوا شكيمَ، وهُم يُثيرونَ علَيكَ المدينةَ. 32 فقُمْ أنتَ والّذينَ معَكَ ليلا واكمُنوا في البرِّيَّةِ، 33 وباكِرا في الصَّباحِ عِندَ طُلوعِ الشَّمسِ اهجُمْ على المدينةِ، فيَخرُجَ هوَ وأصحابُهُ إليكَ فتَفعَلَ بِهِم ما تَقدِرُ علَيهِ».
34 فقامَ أبـيمالِكُ والّذينَ معَهُ ليلا وكمَنوا حَولَ شكيمَ في أربَعِ فِرَقٍ. 35 فخَرجَ جعَلُ بنُ عابِدٍ وأقامَ عِندَ مَدخلِ المدينةِ، فوَثَبَ أبـيمالِكُ والّذينَ معَهُ مِنَ المكمَنِ. 36 ورآهم جعَلُ فقالَ لِزَبولَ: «أرى كثيرينَ يَنزِلونَ مِن رؤُوسِ الجِبالِ». فقالَ لَه زَبولُ: «أنتَ تَرى ظِلَّ الجِبالِ فتَحسَبُهُ رجالا». 37 فعادَ جعَلُ وقالَ: «ها قومٌ نازِلون مِنْ أعالي الجِبالِ وفِرقَةٌ مُقبِلَةٌ مِنْ جِهَةِ بَلُّوطَةِ العَرَّافينَ». 38 فقالَ لَه زَبولُ: «أينَ الآنَ كلامُكَ؟ أما كُنتَ تَقولُ: مَنْ هوَ أبـيمالِكُ حتّى نَخدُمَهُ؟ هذا هوَ الشَّعبُ الّذي ازْدَرَيتَهُ، فاخرُجِ الآنَ إليهِ وقاتِلْهُ». 39 فخَرجَ جعَلُ قائِدا أهلَ شكيمَ وحارَبَ أبـيمالِكَ. 40 فهَزمَهُ أبـيمالِكُ، فهربَ مِنْ أمامِهِ وسقطَ جرحى كثيرونَ قَبلَ أنْ بَلغوا مدخَلَ المدينةِ. 41 وأقامَ أبـيمالِكُ في أرومَةَ، أمَّا زَبولُ فطَردَ جعَلَ وإخوتَهُ مِنْ شكيمَ.
42 وفي الغدِ خرجَ الشَّعبُ إلى البرِّيَّةِ، فعَلِمَ أبـيمالِكُ بِذلِكَ. 43 فأخَذَ رِجالَهُ وقَسَّمَهُم ثَلاثَ فِرَقٍ وكمَنَ لهُم في البرِّيَّةِ. وحينَ رأى الشَّعبَ خارِجينَ مِنَ المدينةِ، انقَضَّ علَيهِم. 44 وتَقَدَّمَ أبـيمالِكُ والفِرقَةُ الّتي معَهُ وتَمَركزوا عِندَ بابِ المدينةِ، وأمَّا الفِرقَتانِ الأخرَيانِ فهَجَمَتا على الّذينَ في البرِّيَّةِ وقَضَتا علَيهِم. 45 وحارَبَ أبـيمالِكُ المدينةَ ذلِكَ اليومَ كُلَّهُ واحتَلَّها، وقتَلَ الّذينَ فيها، وهدَمَها وزَرَعها مِلْحا.
46 فسَمِعَ بِالأمرِ أهلُ مَجدَلِ شكيمَ، فدَخَلوا جميعا حِصنَ بَيتِ إيلِ بَريتَ. 47 وعَلِمَ أبـيمالِكُ بِوجودِهِم هُناكَ، 48 فصَعِدَ إلى جبَلِ صَلْمونَ، هوَ والّذينَ معَهُ، وأخذَ فأسا بَيدِهِ وقطَعَ غُصنا مِنَ الشَّجَرِ وحمَلهُ على كَتِفِه وقالَ لِلَّذينَ معَهُ: «تَفعلونَ سريعا كما أفعَلُ». 49 فقَطعَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم غُصنا وتَبِــعوا أبـيمالِكَ وألقَوا الأغصانَ حَولَ الحُصنِ وأحرَقوهُ بِالنَّارِ، فماتَ أيضا جميعُ أهلِ مَجدَلِ شكيمَ وكانوا نحوَ ألفِ رَجُلٍ وامرَأةٍ.
50 ثُمَّ توَجَّهَ أبـيمالِكُ إلى مدينةِ تاباصَ وحاصَرَها واحتَلَّها. 51 وكانَ في وسَطِ المدينةِ بُرجٌ مُحَصَّنٌ، فهَربَ إليهِ جميعُ الرِّجالِ والنِّساءِ، ومِنهُم زُعماءُ المدينةِ، وأغلَقوا وراءَهُمُ الأبوابَ وصَعِدوا إلى سَطحِ البُرجِ.
52 فزَحَفَ أبـيمالِكُ على البُرجِ، فحاصَرَهُ وتَقَدَّمَ إلى مدخَلِهِ لِـيَحرُقَهُ بِالنَّارِ، 53 فألقَتِ امرَأةٌ حجَرا كبـيرا على رأسِهِ فشَدَّخَت جُمجُمتَهُ. 54 فدَعا في الحالِ حامِلَ سِلاحِهِ، وكانَ شابًّا، وأمرَهُ: «إستَلَّ سَيفَكَ واقْتُلْني لِئلاَّ يُقالَ إنَّ امرَأةً قتَلتْهُ». فطَعنَهُ الشَّابُّ بِالسَّيفِ فماتَ. 55 فلمَّا رَأى رِجالُ بَني إِسرائيلَ أنَّ أبـيمالِكَ ماتَ، عادَ كُلُّ واحدٍ مِنهُم إلى بَيتِهِ. 56 ورَدَّ اللهُ على أبـيمالِكَ الشَّرَّ الّذي صنَعَ بِأبـيهِ حينَ قتَلَ إخوتهُ السَّبعينَ. 57 وكذلِكَ ردَّ اللهُ الشَّرَّ الّذي صنَعَهُ أهلُ شكيمَ على رؤُوسِهِم، وتَمَّت علَيهِم لَعنةُ يوتامَ بنِ يَربَّعَلَ.