إنتصارات يوناثان المفاجئة
1 وفي أحدِ الأيّامِ قالَ يوناثانُ بنُ شاوُلَ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «تَعالَ نعبُرُ إلى مَخفَرِ الفلِسطِيِّينَ في الجانِبِ الآخَرِ» وهذا دونَ أنْ يُخبِرَ أباهُ. 2 وكانَ شاوُلُ في طَرَفِ جَبعَةَ تَحتَ شجرَةِ رُمَّانٍ في مِغرونَ، ومعَهُ نحوَ سِتُّ مئةِ رَجُلٍ. 3 وكانَ أخِيَّا بنُ أخيطوبَ، أخي إيخابودَ بنِ فِنحاسَ بنِ عالي، كاهنِ الرّبِّ في شيلوهَ لابِسا أفودا. ولم يكُنِ العَسكَرُ على عِلْمٍ بِذَهابِ يوناثانَ. 4 وكانَ بَينَ المَعابِرِ الّتي أرادَ يوناثانُ أنْ يَعبُرَها إلى مَخفَرِ الفلِسطيِّينَ صَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ هذِهِ الجِهةِ وصَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ تِلكَ الجِهةِ، اسمُ الواحدةِ بُوصيصُ والأخرى سَنَةُ. 5 وبُوصيصُ قائِمَةٌ مِنْ جِهةِ الشَّمالِ مُقابِلَ مِخماسَ، وسَنَةُ مِنَ الجَنوبِ مُقابِلَ جَبعَ.
6 فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «تَعالَ نَعبُرُ إلى مَخفَرِ أُولئِكَ الفلِسطيِّينَ لعلَّ الرّبَّ يُوَفِّقُنا. فلا شيءَ يَمنَعُ الرّبَّ مِنْ أنْ يَنصُرَنا علَيهِم، سَواءَ كانَ عدَدُنا كثيرا أم قليلا». 7 فقالَ لَه حامِلُ سِلاحِهِ: «إفعَلْ ما تريدُ. تَقدَّمْ، فأنا معَكَ». 8 فقالَ يوناثانُ: «نَعبُرُ إليهِم ونُظهِرُ لهُم أنفُسَنا، 9 فإنْ قالوا: قِفا حتّى نَصِلَ إليكُما، نَقِفُ ولا نَصعَدُ إليهِم. 10 وإنْ قالوا لنا: إصعَدا إلينا، نَصعَدُ، لأنَّ قولَهُم هذا علامةٌ على أنَّ الرّبَّ إلهَنا سَلَّمَهُم إلى أيدينا». 11 فأظهَرا أنفُسَهُما لِلفلِسطيِّينَ، فقالَ الفلِسطيُّونَ: «هَا العِبرانِـيُّونَ خارِجونَ مِنَ الكُهوفِ الّتي اختَبأوا فيها». 12 وقالوا لِـيوناثانَ وحامِلِ سِلاحِهِ: «إصعَدا إلينا لِنُخبِركُما شيئا». فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «إصعَدْ ورائي لأنَّ الرّبَّ سَلَّمَهُم إلى يَدِ بني إِسرائيلَ». 13 وصَعِدَ يوناثانُ على يَديهِ ورِجلَيهِ، وحامِلُ سِلاحِهِ وراءَهُ، فسَقَطَ الفلِسطيُّونَ أمامَ يوناثانَ وكانَ حامِلُ سِلاحِهِ يُجهِزُ علَيهِم وراءَهُ. 14 فقَتَلوا في تِلكَ الضَّربةِ الأولى نحوَ عِشرينَ رجلا في أرضٍ مِساحَتُها سِتُّون ذِراعا. 15 فحلَّ الرُّعبُ في المُعسكَرِ وفي البرِّيَّةِ حَولَهُ وفي أفرادِ المَخفَرِ، وارتَعَدَ المُهاجِمونَ أيضا، واهتزَّتِ الأرضُ كما لو وقَعَ رُعبٌ مِنَ اللهِ.
هزيمة الفلسطيِّين
16 ورأى رِجالُ شاولَ الّذينَ يُراقِبونَ في جَبعةَ بأرضِ بنيامينَ جُموعَ الفلِسطيِّينَ يَفرُّونَ هارِبـينَ في كُلِّ جِهةٍ. 17 فقالَ شاوُلُ لِلَّذينَ معَهُ: «تَفقَّدوا الجُنودَ واعرِفوا مَنْ غابَ مِنْ عِندِنا». فتَفقَّدوهُم، فإذا يوناثانُ وحامِلُ سِلاحِهِ غائِبانِ. 18 فقالَ شاوُلُ لأخيَّا الكاهِنِ «جِئني بالأفودِ». وكانَ أخيَّا هوَ الّذي يَحمِلُ الأفودَ أمامَ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ. 19 فما كادَ يَفرَغُ شاوُلُ مِنْ كلامِهِ معَ الكاهنِ أخيَّا، حتّى تَزايَدَ الضَّجيجُ في مُعَسكَرِ الفلِسطيِّينَ وتكاثَرَ، فقالَ شاوُلُ لِلكاهنِ: «لا تَقِفْ». 20 وصاحَ شاوُلُ وجميعُ الّذينَ معَهُ ونَزَلوا إلى المعرَكَةِ، حيثُ كانَ الفلِسطيُّونَ يَضرِبونَ بَعضُهُم بَعضا بِالسُّيوفِ، وهُم في فوضى عظيمةٍ. 21 وانضَمَّ أيضا إلى الّذينَ كانوا معَ شاوُلَ ويوناثانَ مِنْ بَني إِسرائيلَ جماعةٌ مِنَ العِبرانيِّينَ انحازوا إلى جانِبِ الفلِسطيِّينَ مِنْ قَبلُ، وصَعِدوا معَهُم إلى المُعسكَرِ. 22 وسَمِـعَ جميعُ رِجالِ إِسرائيلَ الّذينَ اختَبأوا في جبَلِ أفرايمَ بِهَزيمةِ الفلِسطيِّينَ، فانضَمُّوا إليهِم هُم أيضا وحارَبوا. 23 وخلَّصَ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ، وانتَقَلتِ الحربُ إلى بَيتِ آوِنَ.
أحداث ما بعد الحرب
24 في ذلِكَ اليومِ فرَضَ شاوُلُ على رِجالِهِ صَوما كبـيرا، حلَّفَهُم وقالَ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ طَعاما إلى المساءِ حتّى أنتَقِمَ مِنْ أعدائي». فلم يَذُقْ أحدٌ مِنهُم طَعاما. 25 وجاؤوا كُلُّهُم إلى الغابِ، وكانَ عسَلٌ على الأرضِ. 26 ودخَلوا الغابَ، فإذا العسَلُ يَسيلُ، فلم يَمُدَّ أحدٌ يَدَهُ إلى فَمِهِ خوفا مِنَ اليمينِ الّتي حَلَفَها. 27 ولكنَّ يوناثانَ ما سَمِـعَ أباهُ يُحَلِّفُهُم، فمَدَّ طَرَفَ العَصَا الّتي بِيَدهِ، وغمَسَها في شَهدِ العسَلِ، ورَدَّها إلى فَمِهِ وذاقَهُ فانتعَشَتْ نفْسُهُ. 28 فقالَ لَه أحدُهُم: «أبوكَ حَلَّفَ الرِّجالَ وقالَ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ اليومَ طَعاما». وإذ رأى يوناثانُ الجميعَ مُرهَقينَ، 29 أجابَ: «أبـي ضايَقَ الجميعَ. أُنظُروا كيفَ انتَعَشَتْ نفْسي لأنِّي ذُقتُ قليلا مِنْ هذا العسَلِ، 30 فكيفَ لو أكَلَ الرِّجالُ اليومَ مِنْ غنيمةِ أعدائِهِمِ الّتي غَنِموها؟ أفَما كانَت هَزيمةُ الفلِسطيِّينَ أعظَمَ؟»
31 وهزَمَ رِجالُ إِسرائيلَ الفلِسطيِّينَ في ذلِكَ اليومِ مِنْ مِخماسَ إلى أيالونَ، فخارَتْ قُواهُم جِدًّا. 32 وانقَضُّوا على الغَنيمةِ وأخَذوا غنَما وبقَرا وعُجولا، وذبَحوا على الأرضِ وأكَلوا لَحما بِدَمِهِ. 33 فقيلَ لِشاوُلَ: «خَطئَ الشَّعبُ أمامَ الرّبِّ لأنَّهُم أكَلوا لحما بِدَمِهِ». فقالَ شاوُلُ: «خانوا وَصيَّةَ الرّبِّ. دَحرِجوا إليَّ الآنَ صخرَةً كبـيرةً». 34 ثُمَّ قالَ: «إنتَشِروا في كُلِّ مكانٍ وقولوا للنَّاسِ أنْ يأتوا إليَّ بِبقَرِهِم وغنَمِهِم، فيَذبَحوها هُنا ولا يَخطأوا إلى الرّبِّ ويأكُلوا اللَّحمَ بِدَمِهِ». فقَدَّمَ كُلُّ واحدٍ مِنَ الشَّعبِ ثَورَهُ بَيدِهِ في تِلكَ اللَّيلةِ، وذبَحوا هُناكَ. 35 وبَنى شاوُلُ مذبَحا وكانَ أوَّلَ مذبَحٍ بَناهُ لِلرّبِّ.
36 وقالَ شاوُلُ: «لِنَنزِلْ وراءَ الفلِسطيِّينَ ليلا ونَنهبهُم إلى الفجرِ ولا نُبقِ حَيًّا». فقالوا: «إفعَلْ ما تَراهُ حسَنا». فقالَ الكاهنُ: «لِنَسألِ اللهَ». 37 فسألَ شاوُلُ اللهَ: «هل أُهاجِمُ الفلِسطيِّينَ؟ هل تُسلِّمُهُم إلى أيدي بَني إِسرائيلَ؟» فما أجابَهُ اللهُ في ذلِكَ اليومِ. 38 فقالَ شاوُلُ «تَقَدَّموا إلى هُنا، يا جميعَ زُعماءِ الشَّعبِ، وانظُروا لِتَعرِفوا مَنِ ارتَكَبَ الخطيئةَ اليومَ. 39 حَيٌّ الرّبُّ الّذي خلَّصَ بَني إِسرائيلَ حتّى لو كانَ هذا الخاطِـئُ يوناثانَ ابني، موتا ليَموتُ». فما أجابَهُ أحدٌ مِنَ الشَّعبِ. 40 فقالَ لهُم: «كونوا أنتُم في جِهةٍ، وأنا وابني يوناثانُ في جِهَةٍ». فقالوا: «إفعَلْ ما تَراهُ حسَنا». 41 فقالَ شاوُلُ لِلرّبِّ إلهِ إِسرائيلَ: «لِماذا لم تُجِبْ عبدَكَ اليومَ؟ إنْ كانَت هذِهِ الخطيئةُ فيَّ أو في ابني يوناثانَ، أيُّها الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ، فأجبْني بالأُوريمِ، وإنْ كانَت في شعبِكَ بَني إِسرائيلَ فأجِبْني بالتُّمِّيمِ». فأصابَتِ القُرعةُ يوناثانَ وشاوُلَ، وخرَجَ الشَّعبُ بَريئا. 42 فقالَ شاوُلُ: «ألقوا القُرعةَ بَيني وبَينَ يوناثانَ ابني». فأصابَت يوناثانَ. 43 فقالَ شاوُلُ لِـيوناثانَ: «أخبِرْني ماذا فعَلتَ». فأخبَرَهُ، قالَ: «ذُقتُ بِرأسِ العَصَا الّتي بِيَدي قليلا مِنَ العسَلِ. فها أنا مُستَعِدٌّ أنْ أموتَ». 44 فقالَ شاوُلُ: «عاقبَني اللهُ وزادَ عِقابـي إنْ لم تَمُتْ يا يوناثانُ». 45 فقالَ الشَّعبُ لِشاوُلَ: «أيَموتُ يوناثانُ الّذي أحرَزَ هذا النَّصرَ العظيمَ لِبَني إِسرائيلَ؟ لا، حيٌّ الرّبُّ لا تسقُطْ شَعرَةٌ مِنْ رأسِهِ على الأرضِ، لأنَّهُ عَمِلَ مشيئةَ اللهِ في هذا اليومِ». فأنقَذَ الشَّعبُ يوناثانَ مِنَ الموتِ. 46 ثمَّ انصرَفَ شاولُ مِنَ اللِّحاقِ بِالفلِسطيِّينَ الّذينَ عادوا إلى أرضِهِم.
47 وحارَبَ شاوُلُ أعداءَهُ المُحيطينَ بِهِ بَعدَ أنْ تَولَّى المُلْكَ على إِسرائيلَ، فحارَبَ المُوآبِيِّينَ وبَني عَمُّونَ والأدوميِّينَ ومُلوكَ صوبَةَ والفلِسطيِّينَ مُنتَصرا حيثُما اتَّجَهَ. 48 وقاتلَ بِشَجاعةٍ وضرَبَ بَني عَماليقَ وأنقَذَ بَني اسرائيلَ مِنْ أيدي ناهبـيهِم. 49 وكانَ لِشاوُلَ بَنونَ هُم يوناثانُ ويِشويُ ومَلكيشوعُ، وابنَتانِ هُما: ميرَبُ الكُبرى، وميكالُ الصُّغرى. 50 وكانَ اسمُ زَوجَتِهِ أخينوعَمَ بِنتَ أخيمَعْصَ، واسمُ رئيسِ جُندِهِ أبنيرَ بنَ نيرَ عَمُّ شاوُلَ. 51 وكانَ قَيسُ أبو شاوُلَ، ونيرُ أبو أبنيرَ كانا ابنَي أبـيئيلَ.
52 وكانَتِ الحربُ على الفلِسطيِّينَ شَديدةً طولَ أيّامِ شاوُلَ. وكانَ شاوُلُ يَضُمُّ إليهِ كُلَّ رَجُلٍ جبَّارٍ أو شُجاعٍ يَراهُ.
إنتصارات يوناثان المفاجئة
1 وفي أحدِ الأيّامِ قالَ يوناثانُ بنُ شاوُلَ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «تَعالَ نعبُرُ إلى مَخفَرِ الفلِسطِيِّينَ في الجانِبِ الآخَرِ» وهذا دونَ أنْ يُخبِرَ أباهُ. 2 وكانَ شاوُلُ في طَرَفِ جَبعَةَ تَحتَ شجرَةِ رُمَّانٍ في مِغرونَ، ومعَهُ نحوَ سِتُّ مئةِ رَجُلٍ. 3 وكانَ أخِيَّا بنُ أخيطوبَ، أخي إيخابودَ بنِ فِنحاسَ بنِ عالي، كاهنِ الرّبِّ في شيلوهَ لابِسا أفودا. ولم يكُنِ العَسكَرُ على عِلْمٍ بِذَهابِ يوناثانَ. 4 وكانَ بَينَ المَعابِرِ الّتي أرادَ يوناثانُ أنْ يَعبُرَها إلى مَخفَرِ الفلِسطيِّينَ صَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ هذِهِ الجِهةِ وصَخرَةٌ ثابِتَةٌ مِنْ تِلكَ الجِهةِ، اسمُ الواحدةِ بُوصيصُ والأخرى سَنَةُ. 5 وبُوصيصُ قائِمَةٌ مِنْ جِهةِ الشَّمالِ مُقابِلَ مِخماسَ، وسَنَةُ مِنَ الجَنوبِ مُقابِلَ جَبعَ.
6 فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «تَعالَ نَعبُرُ إلى مَخفَرِ أُولئِكَ الفلِسطيِّينَ لعلَّ الرّبَّ يُوَفِّقُنا. فلا شيءَ يَمنَعُ الرّبَّ مِنْ أنْ يَنصُرَنا علَيهِم، سَواءَ كانَ عدَدُنا كثيرا أم قليلا». 7 فقالَ لَه حامِلُ سِلاحِهِ: «إفعَلْ ما تريدُ. تَقدَّمْ، فأنا معَكَ». 8 فقالَ يوناثانُ: «نَعبُرُ إليهِم ونُظهِرُ لهُم أنفُسَنا، 9 فإنْ قالوا: قِفا حتّى نَصِلَ إليكُما، نَقِفُ ولا نَصعَدُ إليهِم. 10 وإنْ قالوا لنا: إصعَدا إلينا، نَصعَدُ، لأنَّ قولَهُم هذا علامةٌ على أنَّ الرّبَّ إلهَنا سَلَّمَهُم إلى أيدينا». 11 فأظهَرا أنفُسَهُما لِلفلِسطيِّينَ، فقالَ الفلِسطيُّونَ: «هَا العِبرانِـيُّونَ خارِجونَ مِنَ الكُهوفِ الّتي اختَبأوا فيها». 12 وقالوا لِـيوناثانَ وحامِلِ سِلاحِهِ: «إصعَدا إلينا لِنُخبِركُما شيئا». فقالَ يوناثانُ لِحامِلِ سِلاحِهِ: «إصعَدْ ورائي لأنَّ الرّبَّ سَلَّمَهُم إلى يَدِ بني إِسرائيلَ». 13 وصَعِدَ يوناثانُ على يَديهِ ورِجلَيهِ، وحامِلُ سِلاحِهِ وراءَهُ، فسَقَطَ الفلِسطيُّونَ أمامَ يوناثانَ وكانَ حامِلُ سِلاحِهِ يُجهِزُ علَيهِم وراءَهُ. 14 فقَتَلوا في تِلكَ الضَّربةِ الأولى نحوَ عِشرينَ رجلا في أرضٍ مِساحَتُها سِتُّون ذِراعا. 15 فحلَّ الرُّعبُ في المُعسكَرِ وفي البرِّيَّةِ حَولَهُ وفي أفرادِ المَخفَرِ، وارتَعَدَ المُهاجِمونَ أيضا، واهتزَّتِ الأرضُ كما لو وقَعَ رُعبٌ مِنَ اللهِ.
هزيمة الفلسطيِّين
16 ورأى رِجالُ شاولَ الّذينَ يُراقِبونَ في جَبعةَ بأرضِ بنيامينَ جُموعَ الفلِسطيِّينَ يَفرُّونَ هارِبـينَ في كُلِّ جِهةٍ. 17 فقالَ شاوُلُ لِلَّذينَ معَهُ: «تَفقَّدوا الجُنودَ واعرِفوا مَنْ غابَ مِنْ عِندِنا». فتَفقَّدوهُم، فإذا يوناثانُ وحامِلُ سِلاحِهِ غائِبانِ. 18 فقالَ شاوُلُ لأخيَّا الكاهِنِ «جِئني بالأفودِ». وكانَ أخيَّا هوَ الّذي يَحمِلُ الأفودَ أمامَ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ. 19 فما كادَ يَفرَغُ شاوُلُ مِنْ كلامِهِ معَ الكاهنِ أخيَّا، حتّى تَزايَدَ الضَّجيجُ في مُعَسكَرِ الفلِسطيِّينَ وتكاثَرَ، فقالَ شاوُلُ لِلكاهنِ: «لا تَقِفْ». 20 وصاحَ شاوُلُ وجميعُ الّذينَ معَهُ ونَزَلوا إلى المعرَكَةِ، حيثُ كانَ الفلِسطيُّونَ يَضرِبونَ بَعضُهُم بَعضا بِالسُّيوفِ، وهُم في فوضى عظيمةٍ. 21 وانضَمَّ أيضا إلى الّذينَ كانوا معَ شاوُلَ ويوناثانَ مِنْ بَني إِسرائيلَ جماعةٌ مِنَ العِبرانيِّينَ انحازوا إلى جانِبِ الفلِسطيِّينَ مِنْ قَبلُ، وصَعِدوا معَهُم إلى المُعسكَرِ. 22 وسَمِـعَ جميعُ رِجالِ إِسرائيلَ الّذينَ اختَبأوا في جبَلِ أفرايمَ بِهَزيمةِ الفلِسطيِّينَ، فانضَمُّوا إليهِم هُم أيضا وحارَبوا. 23 وخلَّصَ الرّبُّ بَني إِسرائيلَ في ذلِكَ اليومِ، وانتَقَلتِ الحربُ إلى بَيتِ آوِنَ.
أحداث ما بعد الحرب
24 في ذلِكَ اليومِ فرَضَ شاوُلُ على رِجالِهِ صَوما كبـيرا، حلَّفَهُم وقالَ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ طَعاما إلى المساءِ حتّى أنتَقِمَ مِنْ أعدائي». فلم يَذُقْ أحدٌ مِنهُم طَعاما. 25 وجاؤوا كُلُّهُم إلى الغابِ، وكانَ عسَلٌ على الأرضِ. 26 ودخَلوا الغابَ، فإذا العسَلُ يَسيلُ، فلم يَمُدَّ أحدٌ يَدَهُ إلى فَمِهِ خوفا مِنَ اليمينِ الّتي حَلَفَها. 27 ولكنَّ يوناثانَ ما سَمِـعَ أباهُ يُحَلِّفُهُم، فمَدَّ طَرَفَ العَصَا الّتي بِيَدهِ، وغمَسَها في شَهدِ العسَلِ، ورَدَّها إلى فَمِهِ وذاقَهُ فانتعَشَتْ نفْسُهُ. 28 فقالَ لَه أحدُهُم: «أبوكَ حَلَّفَ الرِّجالَ وقالَ: «مَلعونٌ كُلُّ مَنْ يَذوقُ اليومَ طَعاما». وإذ رأى يوناثانُ الجميعَ مُرهَقينَ، 29 أجابَ: «أبـي ضايَقَ الجميعَ. أُنظُروا كيفَ انتَعَشَتْ نفْسي لأنِّي ذُقتُ قليلا مِنْ هذا العسَلِ، 30 فكيفَ لو أكَلَ الرِّجالُ اليومَ مِنْ غنيمةِ أعدائِهِمِ الّتي غَنِموها؟ أفَما كانَت هَزيمةُ الفلِسطيِّينَ أعظَمَ؟»
31 وهزَمَ رِجالُ إِسرائيلَ الفلِسطيِّينَ في ذلِكَ اليومِ مِنْ مِخماسَ إلى أيالونَ، فخارَتْ قُواهُم جِدًّا. 32 وانقَضُّوا على الغَنيمةِ وأخَذوا غنَما وبقَرا وعُجولا، وذبَحوا على الأرضِ وأكَلوا لَحما بِدَمِهِ. 33 فقيلَ لِشاوُلَ: «خَطئَ الشَّعبُ أمامَ الرّبِّ لأنَّهُم أكَلوا لحما بِدَمِهِ». فقالَ شاوُلُ: «خانوا وَصيَّةَ الرّبِّ. دَحرِجوا إليَّ الآنَ صخرَةً كبـيرةً». 34 ثُمَّ قالَ: «إنتَشِروا في كُلِّ مكانٍ وقولوا للنَّاسِ أنْ يأتوا إليَّ بِبقَرِهِم وغنَمِهِم، فيَذبَحوها هُنا ولا يَخطأوا إلى الرّبِّ ويأكُلوا اللَّحمَ بِدَمِهِ». فقَدَّمَ كُلُّ واحدٍ مِنَ الشَّعبِ ثَورَهُ بَيدِهِ في تِلكَ اللَّيلةِ، وذبَحوا هُناكَ. 35 وبَنى شاوُلُ مذبَحا وكانَ أوَّلَ مذبَحٍ بَناهُ لِلرّبِّ.
36 وقالَ شاوُلُ: «لِنَنزِلْ وراءَ الفلِسطيِّينَ ليلا ونَنهبهُم إلى الفجرِ ولا نُبقِ حَيًّا». فقالوا: «إفعَلْ ما تَراهُ حسَنا». فقالَ الكاهنُ: «لِنَسألِ اللهَ». 37 فسألَ شاوُلُ اللهَ: «هل أُهاجِمُ الفلِسطيِّينَ؟ هل تُسلِّمُهُم إلى أيدي بَني إِسرائيلَ؟» فما أجابَهُ اللهُ في ذلِكَ اليومِ. 38 فقالَ شاوُلُ «تَقَدَّموا إلى هُنا، يا جميعَ زُعماءِ الشَّعبِ، وانظُروا لِتَعرِفوا مَنِ ارتَكَبَ الخطيئةَ اليومَ. 39 حَيٌّ الرّبُّ الّذي خلَّصَ بَني إِسرائيلَ حتّى لو كانَ هذا الخاطِـئُ يوناثانَ ابني، موتا ليَموتُ». فما أجابَهُ أحدٌ مِنَ الشَّعبِ. 40 فقالَ لهُم: «كونوا أنتُم في جِهةٍ، وأنا وابني يوناثانُ في جِهَةٍ». فقالوا: «إفعَلْ ما تَراهُ حسَنا». 41 فقالَ شاوُلُ لِلرّبِّ إلهِ إِسرائيلَ: «لِماذا لم تُجِبْ عبدَكَ اليومَ؟ إنْ كانَت هذِهِ الخطيئةُ فيَّ أو في ابني يوناثانَ، أيُّها الرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ، فأجبْني بالأُوريمِ، وإنْ كانَت في شعبِكَ بَني إِسرائيلَ فأجِبْني بالتُّمِّيمِ». فأصابَتِ القُرعةُ يوناثانَ وشاوُلَ، وخرَجَ الشَّعبُ بَريئا. 42 فقالَ شاوُلُ: «ألقوا القُرعةَ بَيني وبَينَ يوناثانَ ابني». فأصابَت يوناثانَ. 43 فقالَ شاوُلُ لِـيوناثانَ: «أخبِرْني ماذا فعَلتَ». فأخبَرَهُ، قالَ: «ذُقتُ بِرأسِ العَصَا الّتي بِيَدي قليلا مِنَ العسَلِ. فها أنا مُستَعِدٌّ أنْ أموتَ». 44 فقالَ شاوُلُ: «عاقبَني اللهُ وزادَ عِقابـي إنْ لم تَمُتْ يا يوناثانُ». 45 فقالَ الشَّعبُ لِشاوُلَ: «أيَموتُ يوناثانُ الّذي أحرَزَ هذا النَّصرَ العظيمَ لِبَني إِسرائيلَ؟ لا، حيٌّ الرّبُّ لا تسقُطْ شَعرَةٌ مِنْ رأسِهِ على الأرضِ، لأنَّهُ عَمِلَ مشيئةَ اللهِ في هذا اليومِ». فأنقَذَ الشَّعبُ يوناثانَ مِنَ الموتِ. 46 ثمَّ انصرَفَ شاولُ مِنَ اللِّحاقِ بِالفلِسطيِّينَ الّذينَ عادوا إلى أرضِهِم.
47 وحارَبَ شاوُلُ أعداءَهُ المُحيطينَ بِهِ بَعدَ أنْ تَولَّى المُلْكَ على إِسرائيلَ، فحارَبَ المُوآبِيِّينَ وبَني عَمُّونَ والأدوميِّينَ ومُلوكَ صوبَةَ والفلِسطيِّينَ مُنتَصرا حيثُما اتَّجَهَ. 48 وقاتلَ بِشَجاعةٍ وضرَبَ بَني عَماليقَ وأنقَذَ بَني اسرائيلَ مِنْ أيدي ناهبـيهِم. 49 وكانَ لِشاوُلَ بَنونَ هُم يوناثانُ ويِشويُ ومَلكيشوعُ، وابنَتانِ هُما: ميرَبُ الكُبرى، وميكالُ الصُّغرى. 50 وكانَ اسمُ زَوجَتِهِ أخينوعَمَ بِنتَ أخيمَعْصَ، واسمُ رئيسِ جُندِهِ أبنيرَ بنَ نيرَ عَمُّ شاوُلَ. 51 وكانَ قَيسُ أبو شاوُلَ، ونيرُ أبو أبنيرَ كانا ابنَي أبـيئيلَ.
52 وكانَتِ الحربُ على الفلِسطيِّينَ شَديدةً طولَ أيّامِ شاوُلَ. وكانَ شاوُلُ يَضُمُّ إليهِ كُلَّ رَجُلٍ جبَّارٍ أو شُجاعٍ يَراهُ.